هذا الموقع يحتوي على مقالات مترجمة آلياً بواسطة ذكاء اصطناعي، وقد يتضمن بعض الأخطاء غير المقصودة. يُنصح بالتحقق من المعلومات المهمة.

منبر الطلاب

حوار خاص مع الكاتب يوسف توفيق حول موضوع “القراءة بين الأمس واليوم “

في وقت تنازع فيه القراءة أنفاسها الأخيرة وسط صخب الحياة الرقمية، وتتصدر فيه الشاشات كل لحظة من يومنا، تتراجع العلاقة مع الكلمة المكتوبة، وتتآكل مساحات التأمل لحساب التلقي السريع والمشتت. فقدت الصفحات الورقية وهجها أمام ومضات الهواتف، وصار حضور الكتب في تفاصيل اليوم أمرا نادرا، إن لم يكن مستبعدا تماما.
في حوار خاص مع الكاتب والمثقف المغربي يوسف توفيق، توقفنا عند محطات بارزة في علاقته بالقراءة، وتحولاتها من الطفولة إلى اليوم، كما تحدث عن أثر التكنولوجيا، ومستقبل الكتاب الورقي، وعن الكتب التي صنعت منعطفا في مسيرته الفكرية والإنسانية.

من مجلة “ماجد” إلى روائع الأدب العربي

استرجع يوسف توفيق بداياته قائلا إن القراءة لم تكن خيارا عابرا، بل ولدت معه داخل بيت متعلم ، حيث كان والده -رحمه الله- أستاذا للغة العربية، ويمتلك مكتبة عامرة كانت ملاذا له في كل وقت. أما والدته فكان لها فضل في تلقينه المبادئ الأولى في الكتابة والقراءة، وتوجيهه نحو حب المعرفة. شقيقته الكبرى كانت كذلك محطة مهمة، إذ اعتادت أن تشتري له مجلة “ماجد” أسبوعيا، ما جعله يتلهف لقراءتها من الغلاف إلى الغلاف، ويفتح عينيه على عالم واسع من القصص والمعرفة المصورة.
أما في شبابه، فقد انتقل من مجلات الأطفال إلى الأدب الكلاسيكي، فقرأ للمنفلوطي، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، وجبران خليل جبران، ونجيب محفوظ، والطيب صالح، وأدونيس، ويوسف إدريس… ويتذكر هنا صديقه أمين المنصوري، الذي كان يكبره سنا، وعرفه على أعمال جبران خليل جبران خاصة كتاب“النبي” وكتاب”المجنون”، وهي لحظة يعتبرها من اللحظات الفارقة في تجربته.
كما يخص بالذكر الشاعر الكبير الزبير خياط، الذي التقى به في مدينة زايو خلال تسعينيات القرن الماضي، وكان لذلك اللقاء أثر بالغ، إذ بفضله تعرف على شعراء كبار مثل أمل دنقل، وحجازي، وصلاح عبد الصبور، وغيرهم.

القراءة طقس يومي لا يتغير

بالنسبة لتوفيق، لم تكن القراءة هواية عابرة، بل كانت طقسا يوميا لا يتخلف عنه، صيفا ولا شتاء، يقول في هذا السياق:
“كانت القراءة بالنسبة لي دائما مثل الماء والهواء، طقسا يوميا لا اخلفه صيفا ولا شتاء…”
حتى الآن، ما زالت هذه العادة ثابتة في يومياته، رغم مشاغله المهنية ومسؤولياته الأسرية.

الكتاب الورقي في زمن التكنولوجيا

حول سؤال أثر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على القراءة، أشار توفيق إلى أن الإجابة الدقيقة تحتاج إلى دراسة سوسيولوجية معمقة، لكن ما هو واضح بالنسبة له هو أن الكتاب الورقي لم يعد المصدر الوحيد للمعرفة والمتعة بل صارت تزاحمه وسائط اخرى جديدة، ولذلك تغيرت عادات القراءة.
ورغم هذا، يؤكد أنه لا يستطيع أن يتخلى عن الكتاب الورقي، لأنه يشعر أثناء القراءة بعلاقة خاصة تربطه به، ويتنقل معه في وضعيات متعددة، مدونا على هوامشه الملاحظات والخربشات.
يقول في هذا الصدد:
“أنا مرتبط بالكتاب الورقي، ولا يمكنني أن أتخلى عنه ، فأثناء القراءة ادخل في علاقة خاصة مع الكتاب، وأتناوله في وضعيات مختلفة، ولا أكف عن كتابة الهوامش والملاحظات والخربشات.”

كيف نحافظ على عادة المطالعة وسط الضغوط؟

يرى يوسف توفيق أن من جرب متعة القراءة الحقيقية لا يمكن أن يتخلى عنها بسهولة، حتى لو كثرت مشاغله. فبالنسبة له، القراءة ليست فقط وسيلة لاكتساب المعرفة، بل مصدر للمتعة الشخصية، ولهذا فهو دائما يجد وقتا لها، حتى في أكثر لحظاته انشغالا.

نصيحة للجيل الجديد

“القراءة غيرت حياتي، والكتب أنقذتني، ويمكنها أن تغير حياة كل من آمن بها واعتقد في قدرتها السحرية على منح الناس حياة أفضل.”
وحين سئل عن نوع الكتب التي ينصح بها الشباب، أكد أن القراءة تشبه الطعام، تحتاج إلى تدرج . فلا يمكن لمن لم يعتد المطالعة أن يبدأ بروايات مثل “رجل بلا صفات” لموزيل، أو “عوليس” لجيمس جويس، أو “البحث عن الزمن المفقود” لبروست، لأنها كتب تحتاج إلى قارئ متمرس.
الانطلاقة يجب أن تكون مع الكتب “السهلة الهضم”، حتى تتكون العلاقة تدريجيا بين القارئ والكتاب، وحينها يمكن الارتقاء نحو النصوص الأعمق والأصعب.

اهتمامات تتجاوز الأدب

تجربة الكاتب يوسف توفيق القرائية لا تقتصر على الأدب، بل تمتد إلى مجالات متعددة… فإلى جانب الأدب، يقرأ في علم النفس، الأنثروبولوجيا، الفلسفة، الفيزياء، والرياضيات، التي يعتبرها أرقى أشكال الفكر، على حد قول أفلاطون. ويهتم بشكل خاص بـفلسفة الرياضيات وتاريخها وطرق تدريسها، ويتابع مسارات عباقرتها من أمثال إيفاريست غالوا، غوس، رايمان، غودل، وكانطور….

كيف ندعم ثقافة القراءة؟

يعتقد يوسف توفيق أن المؤسسات التعليمية والثقافية يمكن أن تلعب دورا مهما في تعزيز القراءة، ليس من خلال المحاضرات فقط، بل عن طريق تنظيم لقاءات مفتوحة حول الكتب، يشارك فيها نقاد وكتاب وقراء، لتبادل التجارب الشخصية مع القراءة، وإحياء هذه العلاقة الحميمة مع الكتاب.

كتب غيرت حياته

يعترف يوسف توفيق أن بعض الكتب غيرت مجرى حياته، وذكر منها على وجه الخصوص رواية “الخيميائي” لباولو كويلو، التي جعلته يتلمس طريقه الخاص ويبحث عن “أسطورته الشخصية”، على غرار بطل الرواية.

كما أشار إلى كتاب “دع القلق وابدأ الحياة”لديل كارنيجي، والذي كان له تأثير حاسم على طريقة تفكيره ونظرته للوجود.
ويقول في هذا السياق:

وعموما كل كتاب بالنسبة لي هو تجربة خاصة أستفيد منها الكثير. وكل كتاب لا اشعر بقدرته على منحي قيمة مضافة أتركه لغيري لأنه لم يكتب لي.”

مستقبل القراءة.. بعد عشرين سنة؟

ورغم كل التغيرات، يظل متفائلا بمستقبل القراءة، مؤكدا:
“لا أعتقد أن الإنسان سيتخلى عن القراءة، لأنها المدخل الأساسي للمعرفة…”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى