هذا الموقع يحتوي على مقالات مترجمة آلياً بواسطة ذكاء اصطناعي، وقد يتضمن بعض الأخطاء غير المقصودة. يُنصح بالتحقق من المعلومات المهمة.

منبر الطلاب

الخجل المدرسي: بين الرغبة في المشاركة والخوف من نظرات الآخرين

في أقسام الدراسة، يتكرر المشهد ذاته: تلميذ يهم برفع يده، ثم يعيدها بسرعة إلى حضنه كأنها ارتكبت خطيئة. قد يكون سؤاله بسيطا، وربما كان جوابه دقيقا، لكنه آثر الصمت. ليس لأنه لا يعرف، بل لأنه يخشى أن تسلط عليه نظرات زملائه، أو أن يخطئ فيصير محط سخرية أو استهزاء. إنه الخجل المدرسي، تلك الحالة النفسية التي تجعل من المشاركة في القسم عبئا نفسيا بدل أن تكون حقا طبيعيا ومساحة للتعلم والنقاش.

الخجل المدرسي لا يعني بالضرورة قلة الذكاء، ولا يرتبط بضعف التحصيل، بل كثيرا ما نجد أن التلاميذ الخجولين يملكون قدرات عالية، لكنهم يعجزون عن التعبير عنها داخل القسم. إنهم يعيشون صراعا داخليا بين الرغبة في التفاعل، والخوف من الوقوع في الخطأ، أو من أن ينظر إليهم كغرباء أو مختلفين.

تعد البيئة المدرسية عاملا حاسما في تغذية هذا الشعور أو التخفيف منه. فحين تتحول حصة الدرس إلى مسرح للمنافسة والاستعراض، يشعر بعض التلاميذ بأن أي تدخل قد يحتسب عليهم لا لهم. ويزداد الأمر سوءا حين لا يجدون في المعلم صدرا رحبا، أو في زملائهم قدرا من الاحترام والتقدير. كل نظرة، وكل ضحكة مكتومة، كفيلة بأن تغلق فما كان على وشك أن ينطق.

كيف نربي أبناءنا وتلاميذنا على الجرأة دون أن نحرجهم؟ كيف نمنحهم صوتا دون أن نرغمهم على الكلام؟ هذه أسئلة تفرض نفسها في كل بيئة تعليمية تسعى إلى تحقيق الجودة والتكافؤ. لا يكفي أن نقول للتلميذ “لا تخجل”، بل علينا أن نبني فضاء آمنا يشعر فيه أن السؤال لا يعني الجهل، وأن الجواب الخاطئ ليس فشلا، بل خطوة في مسار التعلم.

الجرأة لا تفرض، بل تغرس بالتدريج. حين نتيح للتلميذ فرصا صغيرة للتعبير دون ضغط، حين نشجعه على التفكير بصوت مسموع، ونحترم مداخلاته مهما بدت بسيطة أو غير مكتملة، فإننا نزرع فيه الثقة. وعندما نحتفي بأسئلته لا بإجابات زملائه فقط، فإننا نؤكد له أن التفكير مقدم على الحفظ، وأن الفهم أسمى من الترديد.

الخجل المدرسي ليس مرضا، بل سلوك يحتاج إلى فهم واحتواء. وأول خطوة في تجاوزه، هي أن نكف عن لوم الخجولين على صمتهم، وأن نبدأ في الاستماع إلى ما لا يقال، إلى تلك الأسئلة التي بقيت عالقة في الحناجر، تنتظر من يأذن لها بالخروج، لا أن يسخر منها حين تخرج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى