هذا الموقع يحتوي على مقالات مترجمة آلياً بواسطة ذكاء اصطناعي، وقد يتضمن بعض الأخطاء غير المقصودة. يُنصح بالتحقق من المعلومات المهمة.

منبر الطلاب

المستقبل المهني لجيل “Z”

في وقت كانت فيه الوظيفة مرادفا للاستقرار الاجتماعي والنجاح المهني، يعيد جيل الشباب اليوم، وتحديدا المنتمون إلى ما يعرف بجيل “Z”، تعريف العلاقة مع سوق الشغل. ففي نظر كثيرين منهم، لم تعد الوظيفة تمثل طموحا بقدر ما أضحت عبئا، لا تلبي تطلعاتهم ولا تعكس قيمهم الجديدة في العمل والحياة.

جيل Z، المولود بين عامي 1997 و2012، دخل معترك العمل في سياق استثنائي عالمي، تميز بجائحة صحية، وقلق بيئي متصاعد، وتطور تكنولوجي غير مسبوق، خصوصا في مجال الذكاء الاصطناعي. هذا الجيل نشأ وهو يرى محيطه الأقرب يتأرجح بين الوظائف غير المستقرة والإنهاك المهني، ما رسخ لديه قناعة مفادها أن الوظيفة التقليدية لم تعد تضمن لا الأمان ولا الاعتراف.

تقرير Deloitte 2023 Gen Z and Millennial Survey أظهر أن حوالي 40% من شباب هذا الجيل يفكرون جديا في مغادرة وظائفهم خلال السنتين المقبلتين، فيما لا يستبعد ثلثهم اتخاذ هذه الخطوة حتى دون بديل وظيفي واضح. التقرير ذاته لفت إلى أن 46% من شباب الجيل يشعرون بتوتر دائم أو متكرر، ما يعكس أزمة داخلية تتجاوز مجرد القلق المهني.

ولا ترتبط هذه الأزمة بعدم الرغبة في العمل ذاته، بل برفض منظومة سلطوية لا تعترف بقيمة الفرد ولا تتيح له مساحة للتعبير عن ذاته. فجيل Z يمنح أولوية قصوى لاستقلاليته المهنية، ومرونة الجدول الزمني، والقدرة على تخصيص بيئة عمله، معتبرا أن الثقافة المؤسسية الإيجابية أهم من أي حوافز مالية. فهو يبحث عن مؤسسات تؤمن بثقافة صحية، وتوفر له بيئة مرنة، وتضمن تواصلا واضحا، ورفاها نفسيا، وإحساسا حقيقيا بالمعنى والهدف.

هذا التغيير في التطلعات يتجلى أيضا عند سؤال شباب هذا الجيل عن طموحاتهم. قلة قليلة منهم تضع “الوظيفة المستقرة” في صدارة الأهداف. في المقابل، تتكرر عبارات من قبيل: “أريد أن أحدث فرقا”، “أريد أن أعيش بشروطي”، “أريد أن أخلق شيئا جديدا “.
طموحات تعكس تحولا عميقا في فهم النجاح، إذ لم يعد مرتبطا براتب ثابت أو ترقية مؤجلة، بل بحرية ومرونة ومعنى.

وتقرير LinkedIn 2024 يوضح بدوره أن 61% من شباب جيل Z يفضلون العمل الحر أو النظام الهجين، وأن قرابة نصفهم لا يرون أنفسهم جزءا من منظومة “الوظيفة مدى الحياة”. وهي إشارة واضحة إلى اتساع الفجوة بين ما تعرضه المؤسسات وما ينتظره الجيل الجديد.

هذا التحول لا يعني بالضرورة نهاية الوظيفة، بل يستدعي إعادة تعريفها. فجيل Z لا يطالب بالمستحيل، بل ببيئة عمل إنسانية، تستوعب إبداعه، وتحترم خصوصيته، وتمنحه هامشا من الحرية للإبداع دون المساس بجوهر العمل.

فبين ريادة الأعمال، والعمل الحر، والمشاريع المرنة، يلوح في الأفق ما يشبه “الطريق الثالث” في سوق الشغل، يراهن على الإنصاف، ويعيد الاعتبار للفرد، ويقلص من سطوة التسلسل الهرمي. لم يعد السؤال اليوم يتمحور حول مصير الوظيفة التقليدية، بل حول قدرة المؤسسات على مواكبة هذا التحول العميق. فهل ستنجح في التكيف مع تطلعات الجيل الجديد؟ أم أننا بصدد اتساع فجوة تهدد بإقصاء جيل كامل من المنظومة المهنية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى