هذا الموقع يحتوي على مقالات مترجمة آلياً بواسطة ذكاء اصطناعي، وقد يتضمن بعض الأخطاء غير المقصودة. يُنصح بالتحقق من المعلومات المهمة.

منبر الطلاب

ظاهرة NEET في المغرب: جيل على الهامش؟

يعيش المغرب اليوم واقعا اجتماعيا واقتصاديا يشغل بال الجميع، يتمثل في ظاهرة الشباب الذين لا يدرسون ولا يعملون ولا يتلقون أي تكوين، أو ما يعرف دوليا بـ«NEET»:
.Not in Education, Employment or Training
هذه الظاهرة لا تقتصر على كونها مجرد رقم أو إحصائية، بل هي إشكالية حقيقية ترتبط بمستقبل فئة عريضة من شباب الوطن، الذين يواجهون عوائق متعددة تحول دون إدماجهم الفعال في المجتمع وسوق العمل. فكيف نفسر هذه الظاهرة؟ وما هي الأسباب التي تدفع ما يقارب ربع الشباب في المغرب إلى هذه الوضعية؟ وما هي الإجراءات المتخذة أو المطلوبة لمواجهتها؟

تشير مؤشرات صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى أن حوالي 1.5 مليون شاب مغربي، بين 15 و24 سنة، يعيشون في وضعية «NEET»، ما يعادل واحدا من بين كل أربعة شباب. هذه النسبة الكبيرة تطرح تساؤلات حول مدى فعالية السياسات العمومية الحالية في الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب، خصوصا أن هذه الفئة تعد الأكثر هشاشة، وتتداخل معها عوامل متعددة تزيد من تعقيد وضعهم.

وبحسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (CESE)، يبدأ تحليل الظاهرة بالتوقف عند المراحل التعليمية، حيث يسجل هدر مدرسي كبير بين مرحلة التعليم الإعدادي والثانوي التأهيلي، إذ يغادر سنويا ما يقارب 331 ألف تلميذ المؤسسات التعليمية بسبب رسوب متكرر أو صعوبات الوصول إلى المدارس، خصوصا في المناطق القروية. وتضاف إلى ذلك عوامل اجتماعية وثقافية مثل تزويج الفتيات، تشغيل الأطفال، وضغوط أسرية واقتصادية، مما يجعل هذه الفئة عرضة للتهميش والانعزال.

المرحلة الثانية من الانقطاع تتجلى في الصعوبة التي يواجهها الشباب عند الانتقال من الحياة الدراسية إلى سوق الشغل. فقد أظهرت الإحصائيات أن 6 من أصل 10 شباب عاطلين عن العمل، وهذا يعود في جزء كبير منه إلى عدم ملاءمة التكوينات المتاحة مع متطلبات سوق العمل، وضعف الخدمات التي تسهل الإدماج المهني. وتزداد هذه الصعوبات عند الإناث، حيث تمثل النساء نسبة 72.8% من فئة NEET، ويضاف إلى ذلك التمييز القائم بين الجنسين وضغط المسؤوليات المنزلية.

أما الانقطاع الثالث فيتعلق بضعف استمرارية الاندماج المهني، حيث يفقد العديد من الشباب وظائفهم أو يختارون مغادرتها طوعا بحثا عن فرص أفضل، لكنهم يصطدمون بهشاشة السوق، وضعف شروط العمل، وأجور لا تناسب مؤهلاتهم. كل هذه العوامل تزيد من تأزيم وضعية الشباب، وتعطل مسارهم المهني والاجتماعي.

ولا يقتصر تأثير ظاهرة الشباب غير المنخرطين في العمل أو الدراسة أو التكوين على البعد الاجتماعي فحسب، بل يمتد إلى الاقتصاد الوطني بكلفة ثقيلة. فبحسب دراسة حديثة نشرت في 2024 من طرف باحثين مغاربة بجامعة ابن طفيل، فقد بلغت الكلفة المباشرة لهؤلاء الشباب على الدولة حوالي 60,5 مليار درهم سنة 2019، تشمل ما تتحمله الدولة من مصاريف وخدمات اجتماعية. أما الخسائر غير المباشرة، أو ما يعرف بالكلفة الفرصية، أي ما كان يمكن أن يحققه هؤلاء لو تم إدماجهم اقتصاديا، فقد قدرت بـحوالي 55 مليار درهم إضافية. ما يجعل الكلفة الإجمالية لظاهرة NEET تتجاوز 115 مليار درهم، وتعكس هذه الأرقام حجم الخسائر الاقتصادية الناتجة عن عدم نشاط هذه الفئة ،في بلد يعاني أصلا من اختلالات بنيوية على مستوى سوق الشغل وفرص الإدماج.

وعلى مدى السنوات الماضية، أطلقت الحكومة المغربية عدة برامج يفترض أن تسهم في معالجة هذه الإشكالية، من قبيل “فرصة” لدعم المشاريع الفردية، و”أوراش” لإحداث مناصب شغل مؤقتة، و”انطلاقة” لتمويل المقاولات الصغيرة. لكن عند فحص المعطيات الميدانية، يتضح أن هذه المبادرات، رغم جدواها النظرية، لم تنجح بعد في تحقيق اختراق حقيقي على مستوى دمج فئة NEET. فعدد المستفيدين يبقى محدودا، والولوج إلى هذه البرامج يظل صعبا بالنسبة لشباب القرى والمناطق المهمشة، كما أن الأثر الملموس يظل غالبا محدودا في الزمن، دون أن يفضي إلى إدماج دائم.

لذلك يبقى إدماج فئة NEET في منظومة التنمية الاقتصادية والاجتماعية تحديا مستمرا يتطلب تضافر جهود الجميع: الحكومة، القطاع الخاص، المجتمع المدني، والأسر، حتى لا تتحول هذه الشريحة الواسعة من الشباب إلى عبء على المجتمع، بل إلى رافعة حقيقية للتنمية المستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى