هذا الموقع يحتوي على مقالات مترجمة آلياً بواسطة ذكاء اصطناعي، وقد يتضمن بعض الأخطاء غير المقصودة. يُنصح بالتحقق من المعلومات المهمة.

منبر الطلاب

رهبة الباكالوريا

تعتبر السنة النهائية من التعليم الثانوي، المعروفة بسنة الباكالوريا، من أكثر المراحل الدراسية التي يواجه خلالها التلاميذ ضغطا نفسيا شديدا. إذ تحولت هذه المرحلة إلى اختبار حقيقي، ليس فقط في مستوى المواد الدراسية، بل في مدى قدرة التلميذ على مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية المرتبطة بها.

وتكتسي شهادة الباكالوريا رمزية كبيرة في المسار الدراسي، إذ تعد تتويجا لسنوات من الدراسة المتواصلة، بل إن أغلب الأسر والتلاميذ لم يعودوا يولون أهمية كبيرة للشهادات التي تسبقها، بالنظر إلى أن شهادة الباكالوريا تشكل بوابة العبور إلى التعليم العالي، وهي المعيار الأساسي الذي تعتمد عليه مؤسسات التعليم الجامعي في المغرب للولوج إلى الكليات والمعاهد، سواء العمومية أو الخاصة.

لذلك، فإن الاهتمام الكبير بهذه الشهادة، سواء من قبل الأسر أو التلاميذ، يعد أمرا عاديا، بالنظر إلى الرهانات التي تعلق عليها. غير أن هذا الاهتمام غالبا ما يتحول إلى ضغط نفسي مفرط، يترك أثرا عميقا في نفسية التلميذ. فالارتباك النفسي الذي تخلقه امتحانات البكالوريا لدى التلاميذ طبيعي إلى حد ما، لكن الخطير هو أن يتحكم هذا القلق في التلميذ بشكل مبالغ فيه، ويشل قدرته على التركيز والمواجهة.

يعاني عدد كبير من التلاميذ خلال هذه السنة من اضطرابات نفسية تبدأ بأعراض أولية مثل الأرق، التعب المزمن، وفقدان التركيز، قبل أن تتطور في حالات عدة إلى نوبات قلق واكتئاب حاد. وتشير تقارير تربوية ومصادر متخصصة إلى أن هذه الاضطرابات النفسية تنجم عن تراكم عوامل عدة، من بينها حجم المواد الدراسية، وطول ساعات الدراسة، والضغط الناتج عن الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى القلق المزمن من الامتحانات الإشهادية. كذلك، تشكل الانتظارات الاجتماعية والأسرية العالية، والمقارنات بين التلاميذ، مصدرا إضافيا للضغط النفسي، مما يفاقم الشعور بالخوف من الفشل.

في المقابل، يفتقر الواقع المدرسي في المغرب إلى منظومة دعم نفسي فعالة داخل المؤسسات التعليمية. إذ يسجل ضعف واضح في الاهتمام بالجوانب النفسية للتلميذ، حيث تركز المدارس على الأداء المعرفي والتحصيل الدراسي، دون أن ترافق ذلك إجراءات حقيقية للعناية بالصحة النفسية. فغياب المستشارين النفسيين، ونقص التكوين في التربية النفسية لدى الطاقم التربوي، يضع التلميذ في مواجهة مع قلقه وارتباكه دون أي تأطير نفسي متخصص.

وتزداد خطورة الوضع حين تتحول الضغوط النفسية إلى بوابة للانهيارات النفسية الحادة، وهو ما تؤكده بعض التقارير الإعلامية والوطنية التي رصدت ارتفاعا مقلقا في حالات الانتحار في صفوف تلاميذ الباكالوريا. وهي حالات تعزى في الغالب إلى شعور التلميذ بالعجز أمام التوقعات، وإلى غياب قنوات الدعم النفسي والمرافقة الاجتماعية داخل محيطه.

من هنا، تصبح “الحالة النفسية القوية”ضرورة أساسية لتجاوز القلق والتوتر الذي تخلقه هذه المرحلة. فالإعداد النفسي لا يقل أهمية عن الإعداد المعرفي، وهو ما يفرض على المنظومة التعليمية برمتها، ومعها الأسرة والمجتمع، إعادة النظر في طريقة التعامل مع مرحلة الباكالوريا، لا بمنطق السباق والضغط، بل بمنطق المرافقة والدعم والثقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى