هذا الموقع يحتوي على مقالات مترجمة آلياً بواسطة ذكاء اصطناعي، وقد يتضمن بعض الأخطاء غير المقصودة. يُنصح بالتحقق من المعلومات المهمة.

منبر الطلاب

تعليم المستقبل: بين التقنية والقيم

في زمن التحول الرقمي السريع، لم يعد الذكاء الاصطناعي ميزة إضافية أو رفاهية رقمية، بل أصبح واقعا يتخلل مفاصل الحياة اليومية، بما في ذلك المجال التربوي. ورغم ما يتيحه من فرص هائلة في تحسين جودة التعليم وتوسيع نطاقه، إلا أن هذا التقدم لا يخلو من تحديات اخلاقية واجتماعية، تستدعي تفكيرا عميقا واطارا تنظيميا واضحا.

فالذكاء الاصطناعي قادر على تخصيص التعلم وفقا لقدرات كل طالب، وتوفير دعم فردي، وتحليل البيانات لتوجيه المعلمين إلى نقاط الضعف والقوة. كما يمكنه تخفيف الأعباء الادارية عن كاهل المعلمين، ومساعدتهم في تقييم الواجبات وإعداد المحتوى التربوي، كما يسهم في تقليص الفجوات التعليمية، خصوصا في المناطق التي تعاني من نقص الكوادر التربوية. غير أن هذا التمكين لا يجب أن يتحول إلى استبدال، بل إلى تكامل، فالهدف ليس نزع البعد الانساني عن التعليم، بل تعزيزه.

وهذا ما شددت عليه المديرة العامة لليونسكو، اودري ازولاي، التي قررت تكريس اليوم الدولي للتعليم لعام 2025 للتحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وقالت:

يقدم الذكاء الاصطناعي فرصا هامة في مجال التعليم، ولكن شريطة أن يسترشد نشره في المدارس بمبادئ أخلاقية واضحة. ولكي تظهر هذه التكنولوجيا كل طاقاتها الكامنة، يجب أن تقترن بالأبعاد الانسانية والاجتماعية للتعلم، لا أن تحل محلها. ويجب ان تكون اداة في خدمة المعلمين والتلاميذ، وأن يكون هدفها الأساسي تحقيق استقلاليتهم ورفاههم.”

وفي الوقت الذي يتسارع فيه توغل أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في حياة التلاميذ، خاصة في الدول ذات الدخل المرتفع، حيث يستخدم أكثر من ثلثي طلاب المرحلة الثانوية هذه الأدوات في إنجاز واجباتهم، لا تزال معظم النظم التعليمية تفتقر إلى أطر تنظيمية واضحة. فقد أظهرت دراسة لليونسكو عام 2023 أن عشرة في المئة فقط من المؤسسات التعليمية تؤطر رسميا استخدام الذكاء الاصطناعي، فيما أعدت سبع دول فقط برامج تدريب للمعلمين على هذه الأدوات ، وأدرجت خمس عشرة دولة فقط أهدافا تتعلق بها ضمن مناهجها.

في المقابل، تزداد الدول التي تتجه نحو التقييد بدل الترخيص، حيث تشير بيانات اليونسكو إلى أن قرابة أربعين في المئة من الدول لديها اليوم سياسات تمنع استخدام الهواتف المحمولة في الفصول، بعدما كانت النسبة أربعة وعشرين في المئة فقط قبل عام.

لكن هل المنع هو الحل؟ أم أن الإطار الاخلاقي هو ما نحتاجه حقا؟

تصر اليونسكو، باعتبارها الجهة الدولية المعنية بالتربية والثقافة والعلم، على الخيار الثاني. فمنذ سنوات، وهي تسعى إلى بلورة معايير أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي. وقد توجت هذه الجهود باعتماد أول إطار تقنيني عالمي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في نوفمبر 2021. ثم تبع ذلك إصدار إرشادات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم في سبتمبر 2023، وإطار عمل للكفاءات في هذا المجال في عام 2024، يعالج الإمكانات والمخاطر على حد سواء، ويقترح تحديد سن الثالثة عشر كحد أدنى لاستخدامه في الصف.

وترى المنظمة أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يجب الا يكون على حساب الاحتياجات التعليمية الاساسية. ففي عالم لا تزال فيه مدرسة من كل أربع مدارس بدون كهرباء، وستون في المئة من المدارس تفتقر للانترنت، من الخطأ أن ينظر إلى الذكاء الاصطناعي كأولوية منفصلة. بل يجب أن يكون مكملا للجهود القائمة، مدارس جيدة التجهيز، ومعلمون مؤهلون ومتحمسون، وبرامج تربوية متينة، قبل أن يكون الذكاء الاصطناعي هو المنقذ.

إن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم هو ضرورة حتمية، لكن هذه الضرورة لا تعني الاستسلام للتكنولوجيا، بل تسخيرها بشكل أخلاقي ومدروس. فالعقول التي نبنيها اليوم هي التي ستتحكم في تقنيات الغد، وليس العكس. ولذلك، لا يكفي أن ندخل الذكاء الاصطناعي إلى الصفوف، بل يجب أن نعلم أبناءنا كيف يتعاملون معه بحكمة ومسؤولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى