الكتاب والتلميذ… العلاقة المتوترة
نسبة كبيرة لا تقرأ والمؤسسات تخلت عن دور التشجيع وتوفير البنية التحتية

هل يقرأ التلميذ المغربي؟ وفي حال الجواب إيجابا، يمكن التساؤل، حول ماذا يقرأ؟ وما هي أسباب ومعيقات عدم إقبال التلميذ على القراءة، مقارنة مع أقرانه في دول أخرى، أو على الأقل مقارنة مع أقرانه من جيل ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي؟
أسئلة، ضمن أخرى، تطرح في الفضاء التربوي، وتشكل موضوع نقاش جدي لدى عدد من المهتمين، في غياب دراسات رصينة ترصد علاقة التلاميذ المغاربة بفعل القراءة.
وتعترف وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة نفسها، أن هناك “أزمة ترتبط بنوعية التعلمات داخل النظام التعليمي”، مما دفعها إلى رصدها وفرض نهج مقاربة تتأسس على الشفافية والمسؤولية، في إطار خارطة الطريق 2022 / 2026، للحد من مظاهرها والمساهمة في تغيير نموذج تعلم الأطفال، ودعمها بمنهجية العلم والبحث، من أجل تمكين المؤسسات التعليمية من الإسهام في الارتقاء الاجتماعي.
وتسعى الوزارة مع نهاية خارطة الطريق في 2026 إلى القضاء على التعثرات الكبيرة في التعلمات عند نهاية السلك الابتدائي، والتحكم في أسس القراءة وتفكيكها والتغلب على معيقاتها للانفتاح على الآفاق المستقبلية.
وأوضح عبد الكريم جبراوي، رئيس المركز الوطني للأدوار المدرسية بالمغرب، أن ظاهرة العزوف عن القراءة، آخذة في الانتشار، وزاد من تعزيز هذا المنحى السلبي الإقبال الواسع للألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة أن القراءة لدى الفرد، صارت تتركز حول قراءة الرسائل النصية القصيرة.
يضاف إلى ذلك، حسبه، افتقار المؤسسات التعليمية لما كان يصطلح عليه بركن القراءة وانعدام للخزانة التربوية للفصل الدراسي، أو الخزانة المدرسية والانعدام الكلي للخزانة الإقليمية التي بإمكانها توفير كتب القراءة والمطالعة لكل المؤسسات التعليمية بالإقليم التي توجد على نفوذه الترابي، كما أن تأثير وسائل التواصل المستحدثة على القراءة لدى الفرد كبير جدا مع تنامي الكم الهائل للمعلومات المتداولة، عبر شبكاتها وصبيبها غير المنقطع على شكل وصلات قصيرة.
ويجمع الآباء والأساتذة والمهتمون بالشأن التربوي والأسري، على أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي، تبذل مجهودات جبارة في سبيل الرقي بالتعليم بجميع أسلاكه، إلا أن ذلك لم ينتج تلاميذ وتلميذات متمكنين ومتحكمين في شفرات القراءة، حيث يجد أغلبهم، سيما في السلك الابتدائي صعوبة بالغة في قراءة نص بسيط يتكون من 100 كلمة. وعبر عدد من الآباء والأمهات عن عجزهم وفشلهم في جعل أبنائهم مقبلين على القراءة، رغم المجهودات الجبارة التي يتفانون في تقديمها لهم، مبررين ذلك بالتأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها وأشكالها.
أحمد ذو الرشاد (الجديدة)
الخطر المحدق
دعا جبراوي القائمين على الشأن التربوي في المغرب إلى الاهتمام بالشأن التعليمي على غرار ما حدث ويحدث اليوم في الوطن العربي، إذ فطن عدد من المسؤولين لهذا الخطر المحدق بمكون القراءة، فسارعوا إلى تبني عدة مبادرات، منها مشروع “تحدي القراءة العربي”، الذي يروم تشجيع القراءة لدى المتمدرسين. وشدد على ضرورة خلق خزانة فصلية وأخرى مدرسية وإقليمية، وإحداث مسابقات وتخصيص تحفيزات مهمة لكسب التحدي الأكبر الذي يتعين الاشتغال عليه بكل جدية، لضمان ترسيخ الإقبال على القراءة تحقيقا لأهدافها المرجوة وتنشيطا داعما للحياة المدرسية.
أ.ذ