السنة الأولى في الجامعة: وادي الموت الحقيقي!

معدلات الرسوب والانقطاع لا تزال مقلقة
59% من الطلبة يغادرون الجامعة دون الحصول على أي دبلوم
في الكليات ذات الولوج المفتوح (الحقوق والاقتصاد، الآداب والعلوم الإنسانية، والعلوم)، تشكل السنة الأولى عقبة حقيقية أمام الطلبة، حيث توصف أحياناً بـ”وادي الموت”، بسبب ارتفاع معدلات الرسوب والانقطاع عن الدراسة.
في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق بالدار البيضاء، لم يتمكن سوى 25.7% من طلبة السنة الأولى خلال الموسم الجامعي 2023-2024 من اجتياز سنتهم بنجاح دون مواد مؤجلة، بينما تمكن 19.6% من الانتقال إلى السنة الثانية رغم وجود مواد غير مصادق عليها، فيما أعاد 28.7% السنة. أما 25.8% فقد انقطعوا عن الدراسة قبل اجتياز الامتحانات.
في بعض المؤسسات، تتجاوز نسبة الرسوب في السنة الأولى 25%، كما هو الحال في كلية الحقوق بعين الشق. ومع ذلك، فإن الوضع تحسن كثيراً مقارنة بالماضي، حيث كانت نسبة الرسوب تبلغ 50%، حسب ما أكده العميد عبد اللطيف كومات. وقد ساهم نظام الوحدات، المعتمد منذ 2003، في تخفيض معدلات الإخفاق، إذ يمكن للطلبة الانتقال إلى السنة الثانية بعد النجاح في 50% فقط من الوحدات، مع اجتياز امتحانات المواد غير المصادق عليها فقط. ويؤكد كومات أن هذا النظام ساهم في تحسين معدل إعادة التسجيل وبالتالي “الاحتفاظ” بالطلبة داخل المؤسسة.
في كليات الولوج المفتوح بمراكش، تتراوح نسبة الرسوب في السنة الأولى بين 17 و22% حسب التخصصات.
وفي سنة 2019، كشفت وزارة التعليم العالي أن 13% فقط من طلبة الإجازة يتمكنون من الحصول على دبلومهم دون رسوب. ويؤكد عبد الحميد بن الفاروق، عميد كلية الآداب بالمحمدية، أن “مدة الحصول على الإجازة تبلغ في المتوسط خمس سنوات عند أغلب الطلبة”.
من بين الطلبة الذين يعيدون السنة، هناك من لا يجتازون الامتحانات فعلياً، بل يكتفون بالحضور لتسجيل الغياب. وهنا، يوضح بليد بوغدير، رئيس جامعة مراكش، أن “هذا لا يعد رسوباً بل انقطاعاً”.
ظاهرة عالمية
معدل الانقطاع عن الدراسة لا يزال مرتفعاً كذلك. فحسب آخر المعطيات الصادرة عن الوزارة (2022)، يبلغ معدل الحصول على دبلوم الإجازة حوالي 41%، ما يعني أن 59% يغادرون الجامعة دون أي دبلوم. في كلية الحقوق عين الشق، ينقطع ربع طلبة السنة الأولى قبل الامتحانات. أما في مراكش، فإن 30% من طلبة الولوج المفتوح لا يحضرون الامتحانات، وهو ما دفع الجامعة إلى فرض التسجيل المسبق لاجتيازها.
يؤكد عبد اللطيف كومات أن “الانقطاع في السنة الأولى هو سمة جميع الكليات ذات الولوج المفتوح في بلدنا، والتي تستقطب أكثر من 80% من الطلبة. ويمكن القول إنها ظاهرة عالمية”.
إتقان اللغة عامل حاسم
في العديد من التخصصات سواء في الآداب أو القانون/الاقتصاد أو العلوم، تُدرّس المقررات باللغة الفرنسية. وهذا يشكل عائقاً كبيراً لمن لا يتقنون لغة التدريس. ويرى عبد اللطيف مكرم، رئيس جامعة سطات، أن إتقان الفرنسية عامل حاسم في مسار الطالب وقد يكون سبباً مباشراً في الإخفاق أو الانقطاع.
في كليات الآداب… الإقبال ضعيف والمستوى كذلك
يأسف عبد الحميد بن الفاروق قائلاً: “الدراسات الأدبية لا تحظى بصورة جذابة في المخيال المجتمعي، وخصوصاً لدى الآباء الحريصين على مستقبل مضمون لأبنائهم”. ويؤكد أن أفضل الطلبة يفضلون التوجه أولاً نحو التخصصات العلمية والتقنية، ثم الاقتصادية، فالحقوق، وأخيراً الآداب.
ويضيف أن النجاح الجامعي ليس رهيناً بالدافعية فقط، بل بالمستوى أيضاً. فالكليات ذات الولوج المفتوح لا تشترط معدلات عالية، وبالتالي لا تستقطب أفضل الحاصلين على الباكالوريا. هؤلاء يتوجهون غالباً نحو المدارس الكبرى ذات الانتقاء، وكليات العلوم والتقنيات، وكليات الطب والصيدلة. ويقر العميد: “نستقبل طلبة بمستوى متوسط أو أقل من المتوسط”.
ما الذي يفسر هذا الوضع؟
سوء التوجيه، ضعف استقبال الطلبة، ضعف جاذبية التكوينات… كلها أسباب تسهم في ارتفاع معدلات الإخفاق والانقطاع في السنة الأولى. ويعتبر عبد اللطيف مكرم أن التوجيه هو أول الأسباب، حيث لا يمنح التلاميذ الوقت الكافي لاختيار تخصصاتهم، ويُختار المسار دون رؤية واضحة لمشروع مهني.
من جهته، يرى بليد بوغدير أن السبب الأساسي هو “عدم الاختيار”، فالكليات ذات الولوج المفتوح غالباً ما تكون الخيار الأخير أو المؤقت في انتظار الأفضل. ويضيف أن الاكتظاظ يمنع أي تتبع فردي فعلي للطلبة.
أما عبد اللطيف كومات، فيشير إلى غياب الحافزية لدى الطلبة، وهو رأي يشاركه فيه عبد الحميد بن الفاروق، الذي يضيف أن كليات الآداب تعاني من ضعف جاذبيتها، نظراً لتخصصاتها التي لا توفر آفاقاً مهنية واضحة، باستثناء بعض الشعب مثل علم النفس والدراسات الإنجليزية، أو العلوم التربوية التي كانت مطلوبة منذ ثلاث سنوات، لكنها لم تعد متاحة في كليات الآداب. ويعطي مثالاً بشعبة التاريخ، التي أصبحت تعاني من قلة الإقبال، لولا الطلبة الموظفين الباحثين عن دبلوم لتحسين وضعهم الإداري أو الترشح لمناصب التعليم العالي. وفي كلية الآداب بالمحمدية، يشكل الموظفون نصف العدد الإجمالي للطلبة.
ترجمة: أحلام نزيه
هذا المقال مترجم آلياً بواسطة ذكاء اصطناعي، وقد يُحتوى على بعض الأخطاء غير المقصودة. يُنصح بالتحقق من المعلومات المهمة